احجز جلسة
  • الرئيسية
انضم لنا
عودة لصفحة المقالات
اضطراب الكرب ما بعد الصدمة لدى الأطفال والمراهقين
العلاج النفسي للمراهقين

اضطراب الكرب ما بعد الصدمة لدى الأطفال والمراهقين

التأثيرات والعلاج

لنفترض أن طفلاً تعرض لحادث سيارة خطير، غالباً سوف تظهر لديه مجموعة من الأعراض مثل الكوابيس المتكررة التي تعيد تجربة الحادث، والهلع والخوف المستمر عند ركوبه السيارة مثلاً، وسوف يتجنب الأماكن أو الأشخاص المرتبطين بالحادث، وربما يحدث لديه تشوش في الذاكرة وصعوبة في التركيز في المدرسة، والشعور بالانزعاج الشديد والتهيج. هذه الأعراض هي أعراض الصدمة، وهي ردود فعل طبيعية، ولكن ماذا لو استمرت لفترة طويلة وأثرت على حياته اليومية وعلاقاته الشخصية والاجتماعية أو مهامه الدراسية؟؟!

إن هذا الاستمرار وهذا التأثير الكبير يشير إلى أن هذا الطفل تطور لديه اضطراب يدعى اضطراب الكرب التالي للصدمة أو Post-traumatic Stress Disorder أو ما يعرف اختصاراً بـ PTSD، وهو اضطراب نفسي يسببه حدث صادم مهدد للحياة يتعرض له الطفل نفسه أو يشهد وقوعه لأشخاص مقربين، ويشيع الحديث عن هذا الاضطراب لدى البالغين، إلا أن الأطفال والمراهقين يتعرضون له أيضاً، فالأطفال الذين يمرون بأحداث مؤلمة يصابون بصدمة نفسية وصعوبة مؤقتة في التأقلم والتكيف وتظهر ردود أفعال مختلفة، وبمرور الوقت والعناية الجيدة بالنفس وتوفر الدعم غالباً ما يتحسنون، أما في حال استمرت هذه الأعراض لأكثر من شهر وأثرت على حياتهم، فهم غالباً يعانون من اضطراب الكرب ما بعد الصدمة. 


فما هي الأعراض الكاملة لاضطراب الكرب ما بعد الصدمة لدى الأطفال؟ 

اضطراب الكرب ما بعد الصدمة (PTSD) يمكن أن يؤثر على الأطفال بنفس الطريقة التي يؤثر بها على البالغين. ومع ذلك، يمكن أن تختلف أعراض PTSD بين الأطفال والبالغين وفقًا لتطورهم العمري ومستوى نضجهم العاطفي وقدرتهم على التعبير عن مشاعرهم. إليكم بعض الأعراض الشائعة لـ PTSD لدى الأطفال:


1. الأعراض الاقتحامية: مثل الذكريات المؤلمة المتطفلة عن الحدث الصادم، وقد تظهر لدى الطفل على شكل لعب متكرر -بمواضيع معينة (مثل اللعب كل مرة بسيارة إسعاف لإسعاف جرحى..)، والأحلام المؤلمة المتكررة والكوابيس (قد لا يكون بالإمكان التعرف على موضوع الحلم)، وعيش لحظة الحدث الصادم كما لو كان يحدث مرة أخرى (استرجاع الأحداث)، ضغط عاطفي حاد أو ردود فعل جسدية حول أمر ما يذكره بالحدث الصادم (الاختباء والخوف عند سماع ما يشبه صوت الطائرة الحربية مثلا).

2. الأعراض التجنبيّة: قد يتجنب الأطفال بشكل مستمر الأشياء أو النشاطات أو المواقف أو الأشخاص الذين يُذكرونهم بالحدث (مثلاً، يمكن للطفل الذي كان يلعب بالكرة عندما قصف منزله أن يكره أو يتجنب اللعب بالكرة في المرات اللاحقة)، وقَد يُحاولون حتى تجنّب الأفكار أو المشاعر أو المحادثات حول الحدث الصادم، ولكنهم يفشلون عادة في محاولاتهم تجنب تذكّر الحدث. 


3. التغيرات السلبية في التفكير والحالة المزاجية: قد يشعر الأطفال بخدر انفعالي أو انفصال عن الجسم، وقد يفقدون الاهتمام بنشاطاتهم الاعتيادية وينعزلون عن الأشخاص الآخرين، كما قد يشعر الأطفال بالذنب أيضًا لأنهم تمكُّنوا مثلا من النجاة بينما لم ينجح آخرون أو لأنهم لم ينجحوا بفعل أي شيء لوقف الحدث، وقد لا يتذكرون تفاصيل مهمة حول الحدث أو يظهر لديهم نقص في التركيز وتشتت في الانتباه.

4. التغيرات في اليقظة والاستجابات: قد يُصبح الأطفال يقظين بشكلٍ مفرطٍ للعلامات التحذيرية للخطر، وقد يشعرون بتوتر كبير (يُسمى فرط التيقّظ)، ممَّا يجعلهم عصبيين وغير قادرين على الاسترخاء ومن السهل إجفالهم، ومن الصعب ضبط الاستجابات لديهم، مما يمكن أن يؤدّي إلى سلوك مستهتر أو اندفاعي أو لنوبات من الغضب، وقد يواجه الأطفال صعوبة في الاسترخاء أو النوم أو التركيز.


- علاج اضطراب الكرب ما بعد الصدمة (PTSD) لدى الأطفال:

يجب أن يكون هناك دعم من العائلة والمدرسة والمجتمع بشكل عام لمساعدة الأطفال والمراهقين في التعامل مع اضطراب PTSD. من المهم توفير بيئة آمنة وداعمة لهم وتقديم الدعم العاطفي والمعنوي اللازم. قد يكون من المفيد أيضًا للوالدين والمربين البحث عن معلومات ودعم من المحترفين في مجال الصحة العقلية لفهم أفضل للحالة وكيفية دعم الطفل أو المراهق المتأثر بالاضطراب.

علاوة على الدعم العائلي والمجتمعي، هناك عدد من الاستراتيجيات والتدابير التي يمكن اتخاذها لمساعدة الأطفال والمراهقين المصابين بـ PTSD:


1. العلاج النفسي: يمكن اللجوء إلى علاج نفسي مختص مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لمساعدة الطفل أو المراهق على تطوير استراتيجيات للتعامل مع الأعراض وإدارة القلق والمخاوف ومن التقنيات المهمة في هذا العلاج تقنيات الاسترخاء وإدارة الانفعالات ومعالجة الأفكار السلبية وإيقاف الأفكار المزعجة والتعرض ومنع الاستجابة وغيرها الكثير من التقنيات المفيدة.


2. العلاج من خلال إزالة الحساسية وإعادة المعالجة بواسطة حركات العين (EMDR) : يعتبر EMDR تقنية فعالة لعلاج PTSD، وتستخدم فيها حركات العين أو الحركات الجسدية لمساعدة الأطفال والمراهقين على معالجة الذكريات المؤلمة وتقليل التوتر الناجم عنها.


3. الدعم الاجتماعي: يمكن للأطفال والمراهقين المصابين بـ PTSD الاستفادة من الدعم الاجتماعي، سواء من خلال الأصدقاء أو الأقرباء أو مجموعات الدعم التي تجمع بين الأشخاص الذين يعانون من نفس الحالة.


4. التعليم والتوعية: من المهم توفير معلومات للأطفال والمراهقين عن PTSD وطبيعته وكيفية تعاملهم معه. يمكن للتوعية بالأمراض والاستراتيجيات المتاحة للتخفيف منها أن تساعد في تخفيف القلق والاستياء.


5. الحفاظ على الروتين والاستقرار: يجب توفير بيئة مستقرة وروتين يومي للأطفال والمراهقين المصابين بـ PTSD. قد يتضمن ذلك جدولًا منتظما للنوم والأكل والمشاركة في الأنشطة المفضلة.


6. الممارسة البدنية والقيام بأنشطة الاسترخاء والتنفس العميق: تشير الأبحاث إلى أن ممارسة النشاط البدني وتقنيات التنفس العميق يمكن أن تساعد في تخفيف القلق والتوتر المرتبطين بـ PTSD.


يجب على الوالدين والمربين أن يتعاونوا مع الفريق العلاجي المختص ويبحثوا عن الدعم اللازم للطفل أو المراهق المصاب بـ PTSD. كما يجب الاهتمام بصحة ورفاهية الطفل أو المراهق وتقديم الدعم والحب والاهتمام اللازم لهم خلال هذه الفترة الصعبة.


كتابة الاخصائي : بسام الحوارني