الإسعافات النفسية الأولية للأطفال والكبار
هي الاستجابة الإنسانية الداعمة للأشخاص اللذين تعرضوا أو تأثروا بأحداث أليمة مثل الكوارث الطبيعية، الحوادث المرورية، الحرائق، الحروب، والعنف حيث يفقدون أحبائهم أو يشهدون الموت، مما يتسبب بردود أفعال متفاوتة بين البسيطة والشديدة حسب طبيعة الحدث وبذلك هم بحاجة إلى الدعم النفسي الأولي.
وتتضمن ما يلي:
_ المساعدة على تلبية الإحتياجات الأساسية.
_ تقدير الاحتياجات والمخاوف.
_ الحماية من التعرض لمزيد من الأذى.
_ الاستماع دون ممارسة ضغط على الأشخاص للحديث.
_ المساعدة على الشعور بالهدوء والراحة.
_ المساعدة في الوصول إلى المعلومات والخدمات والدعم الاجتماعي والنفسي المتخصص.
_ تقديم الرعاية والمساندة العملية من دون تطفل.
مبادئ الإسعاف النفسي
الإستعداد - النظر - الإصغاء - الربط
_ استعدوا: تعلموا عن الحدث الأزمة / تعرفوا على الخدمات وأنواع الدعم المتوافرة / تعلموا عن المخاوف التي
ترتبط بالسلامة والأمن
_ انظروا: تحققوا من وجود الأمان / تحققوا من وجود أشخاص لديهم احتياجات أساسية طارئة وواضحة / تحققوا
من الأشخاص الذين تَصدُر عنهم ردود أفعال خطيرة بسبب الضيق
_ أصغوا: اتصلوا بالأشخاص الذين قد يحتاجون إلى الدعم / اسألوا عن احتياجات الأشخاص ومخاوفهم / اصغوا إلى
الناس وساعدوهم على الشعور بالهدوء
_ اربطوا: ساعدوا الناس على تلبية احتياجاتهم الأساسية وعلى الوصول إلى الخدمات المتوفرة / ساعدوا الناس على
التعامل مع مشكلاتهم / زودوهم بالمعلومات / اربطوا الأشخاص بأحبائهم والدعم الاجتماعي
مَن يُقدم الإسعاف النفسي وأين ولِمَن؟
من؟
_ المختصون وغيرهم
_ الموجودون قرب المصائب
_ المتدربون على ما ينبغي فعله
_ المعلمون، الزملاء والممرضين
أين؟
على المسعف النفسي أن يحاول أن يوفر مكان تتوفر فيه الشروط التالية:
1ـ الخصوصية ولو بشكل جزئي
2ـ الهدوء
3ـ الراحة النسبية
4ـ الأمان
لِمَن؟
للأشخاص الذين يعيشون حالة صدمة نفسية
للأشخاص الذين يرغبون بها أو لا يمانعون على الأقل من الحصول عليها
ما هو الحدث الصادم؟
يُشكل الحدث الصادم تغيراً جوهرياً مفاجئاً سريعاً وغير قابل للمعكاسة في الوسط القريب المحيط بنا، إنه يُصيب مساحة اعتدنا على أنها تحت سيطرتنا بالكامل.
يختلف الحدث الصادم عن التغييرات الحياتية العادية بأنه يُعيق نمط التكيف المعتاد، ولا تنفع معه أساليب تكيفنا المعروفة لنا من قبل.
قد يكون بسيطا أو مركبا من حيث إضراره بمجال أو أكثر من مجالات حياتنا
ما الذي يحدث في الأزمات؟
يصعب على الفرد أن يواجه الحدث فيهبط مستوى التكيف عنده إلى حدود دنيا.
يشعر بالعجز وقلة الحيلة في مواجهة ما هو أكبر من طاقته بكثير.
هذا الهبوط يترافق مع أعراض الصدمة (مفاجأة - ذهول - مشاعر قوية متناقضة _ قلق، غضب، شعور بالذنب _ تشتت القوى وعدم القدرة على تلبية الحاجات الأساسية.
فكيف نتكيف معها؟
يعود إلى الحالة التي كان عليها قبل الصدمة
قد تزيد الصدمة من تمسك الفرد بالحياة (مقولة: الصدمة التي لا تقصم الظهر تقويه)
قد يخسر الفرد من مستوى تكيفه فتتغير نظرته إلى نفسه وإلى العالم من حوله بشكل سلبي ومتشائم.
ماهي الفئات الأكثر تعرضا للنتائج السلبية للصدمات النفسية؟
_ الأطفال (خاصة الذين فقدوا أطفالهم أثناء الحوادث)
_ المسنون وذوو الإعاقات الجسدية أو الأمراض المزمنة
_ الحوامل أو الأمهات لأطفال صغار وخاصة الرضع
_ الذين عاشوا خسارات كبيرة (فقدان الأزواج أو الأولاد أو أملاك كبيرة)
_ الذين تنقلوا أكثر من مرة من مكان لآخر كالمُهجّرين
كيف يتفاعل الأطفال مع الكوارث؟
درجة النمو المعرفي للأطفال من حيث التفكير والتواصل مع المحيط وفهم العالم من حولهم تؤثر على طريقة تفاعلهم مع الأزمات والتجارب الصعبة
_ الأطفال دون 3 سنوات لغتهم محدودة أو غير موجودة وهم يتواصلون عبر لغة الجسد لذلك فـ الإتصال الجسدي يُشعرهم بالراحة والطمأنينة
_ الأطفال بين 4 - 6 سنوات يفهمون العالم عبر ردة فعل الأهل وتختلط لديهم الحدود بين الخيال والواقع وقد يذكرون الأحداث ولكن ليس بالترتيب الصحيح وأحيانا يقومون بملء الفراغات من خيالهم
_ الأطفال بين 7 - 12 سنة قادرون أكثر على التفكير بطريقة مجردة ومنطقية، ويملكون قدرة أعمق لفهم الأمور أسبابها ونتائجها و مفهوم الموت والفقدان
ردود الفعل الشائعة في الصدمات عند الأطفال
_ التشبث أكثر بالأهل، ويُستثارون بشكل أكبر
_ تغيرات في نمط الأكل والنوم
_ يخافون من أشياء لم تكن تُثيرهم في السابق
_ يُظهرون فرط في الحركة ونقص في التركيز
_ يصبحون أكثر حساسية تجاه ردود أفعال الآخرين
_ الانكفاء إلى سلوك أصغر من عمرهم مثل مص الإبهام والتبول
_ التوقف عن الكلام واللعب أو تكرار الألعاب عينها
_ الخمول أو فرط النشاط
_ القلق من وقوع الأحداث السيئة
_ اضطراب في النوم والكوابيس وقلة التركيز
_ يتكلمون عن الحدث بطريقة متكررة
_ يشتكون من أعراض جسمانية
كيف أتحدث مع أولادي عن الكارثة؟
حين تتجنب الأسرة الحديث مع طفلها تزيد مخاوفه معتقداً أن أهله يُخفون عنه أمراً شديد الخطورة، يمكن أن يبدأ الوالدان بسؤال الطفل عن رأيه فيما يجري من أحداث ومحاولة التعرف على أفكاره ومخاوفه في هدوء ودون انفعال يُشعره بالقلق، ويمكن التوسع في فتح مواضيع ذات صلة بما يجري
وإليك بعض الخطوات المساعدة:
_ استمع واستمع، واستمع من جديد لما يقوله طفلك أو يحاول أن يقوله
_ أظهر احترامك لطفلك وانظر في عينيه أثناء الحوار
_ تَصيّد الظرف المناسب لشرح بعض الأفكار الأساسية
_ قل الحقيقة ولو على درجات أو مراحل، ولكن لا تقل ما هو غير حقيقي
_ يتعلم الأطفال كثيرا من مراقبة الآخرين فكن قدوة لهم
_ إقض مع أطفالك وقتاً مشتركاً حراً من دون قيود وتعليمات
_ حاول أن لا تنتقد طفلك فليس هذا وقت التعليم وتصحيح الأخطاء
_ تذكر أنك تتحاور مع طفلك ليس فقط بالكلمات وإنما أيضا بتعابير الوجه وحركات الجسم
_ حث طفلك على الحديث عن مشاعره (يبدو أنك منزعج، حدثني عما يشغلك)
_ شارك طفلك أفكارك ومشاعرك ومعتقداتك (أنا أشعر… أنا أرى….)
الخطوات الرئيسية في المساعدة النفسية الأولية:
_ التحضير لتقديم المساعدة النفسية الأولية
_ التواصل وإقامة العلاقات الأولية
_ يث الأمن والطمأنينة
_ إعادة التوازن والاستقرار الانفعالي
_ جمع المعلومات عن الحاجات الملحة والازعاجات الحالية
_ التوجيه والعون العملي
_ الدعم الاجتماعي
_ توفير المعلومات عن طرق التكيف مع الصدمات والكوارث
_ التعاون والتنسيق مع الهيئات المتعاونة والمتخصصة
خطوات عملية لتقديم الإسعافات النفسية:
_ يتم التحضير بأن يكون لدى مقدم المساعدة معرفة كافية بما حدث، ويكون لديه توازن داخلي، مع تعامله بحذر تجاه الفروق الثقافية والحالات الخاصة .
_ عرّف عن نفسك واسأل عن الحاجات العاجلة، تقديم نفسك!! (مثال: هل هذا ابنك؟ تنزل إلى مستوى عيون الطفل وتبتسم له مع التحية، أنا فلان وأنا هنا لكي أساعدك أنت و أهلك)
_ تهيئة جو فيزيائي مهدئ، حافظ على الأمن الجسدي، مع الحماية من التعرض لخبرات صادمة إضافية، واعط اهتمام خاص للأفراد المفجوعين وابتعد عن قول (أعرف ما تشعر به، كله خير…)
_ احترم خصوصية الفرد واعرض عليه شراب أو مكان للجلوس، واعرض عليه الدعم
_ الملاحظة الدقيقة مع مراعاة عدم الدخول في التفاصيل، وجمع المعلومات عن: مشاعر الذنب والخزي والعار، المرض والحاجة للدواء، طبيعة وشدة الخبرات خلال الكارثة، فقدان أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء
_ حدد الحاجات المُلِحة، وضّح الحاجة وناقشها، ناقش خطة العمل، تابع إجراءات تلبية الحاجات
_ تعزيز الوصول إلى دعم أو أقارب / مع الطفل إخباره بـ: من المهم فعلا أن تجعل الناس يعرفون كيف يساعدوك
_ تقديم معلومات أساسية حول طرق الاستجابة في مواقف الضغوط وسبل مواجهتها، المساعدة في إدارة الغضب، ومشكلات النوم و آليات التكيف (دعم - استرخاء - أكل جيد ….)
_ ربط الضحايا مع الجهات الخدمية التي يحتاجون إليها وإعلامهم بسبل التواصل معها الآن وفي المستقبل.
سلامة مقدمي الإسعاف النفسي
حقائق ينبغي الانتباه إليها لمٌقدم الإسعاف النفسي الأولي:
_ يتدرب المختص النفسي على أن يتعامل مع الناس بشكل احترافي فلا يأخذ معه مشاكل الناس خارج وقت عمله
المسعف النفسي بحاجة إلى أن ينتبه إلى:
_ معايشة جراح الناس قد توقظ جراحا وخبرات سيئة مر بها المسعف النفسي وبالتالي قد تؤذيه
_ مسؤولية أمان المسعفين تبقى مسؤوليتهم وحدهم في معظم الأحيان ولذلك يجب تنبيههم من الوقوع في "المساعدة
غير الآمنة" وتزويدهم بما يساعد في تجنبها
قواعد لضمان سلامة مقدمي الإسعاف الأولي
_ الرصد الذاتي: لا تنغمس في مشكلات الآخرين لدرجة عدم الانتباه لنفسك وعدم مراقبة جسدك
_ تفقد علاقاتك مع الآخرين بانتظام: أهلك، أصدقاؤك، من السهل أن ننسى في مثل هذه الأوقات أن الدعم الإجتماعي يلزمنا نحن أيضا
_ في الكوارث الجماعية: عملك يبقى جزء من كل ولن تستطيع أداءه في معزل عما يفعله الآخرون
_ تقبل الحقيقة القائلة: أنك لا تستطيع تغيير كل شيء
_ عزز في نفسك المرونة والتسامح والصبر
_ تجنب العمل على مدار الساعة مع مقدار قليل من الراحة (النوم - الطعام)
_ تجنب الإفراط في تناول القهوة والوجبات السريعة: فقد ينعكس التغيير الكبير في أسلوب حياتك أثناء فترة المساعدة في حالات الكوارث سلبا على صحتك
الأفكار الشائعة التي تُعيق الرعاية الذاتية لمٌقدمي الإسعاف النفسي الأولي
_ سيكون تخصيص بعض وقتي للراحة أنانية وتفريطا بحق الآخرين
_ إن الآخرين يعملون طول الوقت وعلي أن أفعل مثلهم
_ احتياجات المصابين والمنكوبين هي دائما أهم من احتياجات مُساعدهم
_ أستطيع أن أُنجز أكثر إذا اشتغلت طول الوقت
_ إنني وحدي للأسف الشخص القادر على أداء مهمات معينة، ولذلك علي أن أعمل هذا كله وحدي
مع أمنياتنا بالسلامة والصحة للجميع
الاختصاصية والمعالجة النفسية أ. أروى المقداد