كيف أتصرف عندما يخطئ طفلي؟!
وما هو التأديب الصحيح له من وجهة نظر نفسية!!
قبل أن تقرأ الإجـــــــــــــــــــابة على هذا السؤال ......
يجب أن تعلم أن هذه المقالة موجهة لكل مربي أب أو أم يريدون أن يربوا إنساناً مكتمل الإنسانية، صالحاً منتجاً مبدعاً في هذه الحياة .. وليس لأولئك الذي يصنعون من الطفل ملكاً يُطاع أو إلهاً يُعبد !
أولاً: تأديب الطفل واجب تربوي
يجب أن تعلم أيها المربي الكريم أن ..............
[تأديب] الطفل هو من واجباتك التربوية، بل هو حق للطفل عليك بأن تعلّمه وتدرّبه على واقع الحياة وقوانينها وسننها، ، لأن "التأديب" للطفل "حاجة نفسية" تغذّي شعوره بالأمن والحماية بأنك قويٌّ، وأنه في مأمنٍ معك، إضافة إلى كونه دورة تدريبية لطيفة للتعامل مع كدحه في الحياة مستقبلاً!
ثانياً: ما هو مربع التعامل الصحيح مع الطفل؟!
يجب أن تعلم أيُّها المربي الفاضل أن ........
"التعامل الصحيح مع الطفل يكون وفق [مربع] قاعدته الــحـب و سقفه الحزم ، وضلعاه القائميتن: العــــدالة و الفــــــهم"
"الحب" لشخص الطفل دون شروط وارتباطات ...
والحب هو أهم جزء من الإشباع العاطفي الكامل لشخص الطفل، وتأتي معه 4 عواطف مكمّلة معززة له: الاحترام والتقدير والحرية والترويح.
>>> فلا تربية بلا حب وإشباع عاطفي!
"الحزم" مع سلوك الطفل دون تراخي أو تساهل ...
الطفل في قرارة نفسه يسعد بالتصرف "الحازم" من قبلك!
فيجب أن يكون لبيتك روتين وقواعد للسلوك في كل شيء، تنطبق على الجميع، قواعد واضحة منطقية واقعية يسيرة التطبيق، بكل حزم..
>>> فلا تربية في منزل فوضوي، بلا قواعد وحزم!
"العدالة" في ضبط سلوك الطفل دون مبالغة أو ظلم ...
العدالة أن تضبط سلوك الطفل بمنطق واضح، وفق واقع الحياة!
أن تشرح لطفلك المفهوم وتبينه تبياناً كاملاً، ثم تتفق معه، ثم تنفذ ما اتفقت عليه، وليس العكس..
>>> فلا تربية بلا عدل ووضوح تام!
"الفهم" للدافع من سلوك الطفل ...
اعلم أن سلوك الطفل رمزي كاللغز، كون الطفل لمّا يمتلك بعد التعبير اللفظي الكافي (للأطفال دون سن المدرسة خاصةً) أو الوعي الكافي ( للأطفال الأكبر خاصةً) ليجعلك تفهم السبب أو الدافع من سلوكه "السيء" !
>>>الطفل يفهم أكثر مما تتوقع! لذلك توقع ما لا يمكن توقعه!
ثالثاً: جواب السؤال
"كيف أتصرف عندما يخطئ طفلي؟!
أما جواب سؤال "كيف أتصرف عندما يخطئ طفلي؟!، حاولت أن ألخص وأكثّف وأختصر عليك قراءة الكثير من الكتب التربوية في خطواتٍ سبعٍ، عساها تنفعك إن هضمتها تماماً وتمثلّتها في سلوكك مع طفلك أثناء تعديله ما ساء من سلوكه:
- الخطوة الأولى، الوقاية:
أن يسبق العقاب بتبيانٍ واضحٍ ومناسبٍ لعقل الطفل للتصرّف الجيد والتصرّف السيئ، مع شرحٍ كافيٍّ لنتائجهما، ثم عقد اتفاق واضح بينك وبين الطفل مستبقاً مواقف الصراع معه. هدفك "إنهاء حالة الصراع مع الطفل" و "الاستمتاع" معه كـزينة لحياتك.
* قاعدة: [تبيان ثم اتفاق ثم تطبيق العقاب أو الثواب] وليس العكس
* قاعدة: [الطفل زينة لحياتك فلا تتصارع مع زينتك فتفقد متعتك]
- الخطوة الثانية، العقاب لسلوك الطفل وليس شخصه:
أن يكون العقاب يستهدف سلوك الطفل وليس شخصه، فهو مكرّم من خالقه جل وعلا، فلا تصرخ عليه أو تضربه وتهينه بشكل انفعالي "فشة قهر"، أو تتبرؤ منه بأن تقول له: لست ابني أو لم أعد أحبك، بل يجب أن تصله رسالة مفادها: "أنا أحبك كثيراً، ولكني لا أحب هذا السلوك يلي هو كذا وكذا "
* قاعدة: [افصل سلوك الطفل عن شخصيته]
* قاعدة: [لا يربي المربي وهو غضبان]
* قاعدة: [خلال تنفيذ العقاب يجب أن يكون المربي في حالة اتزان انفعالي]
- الخطوة الثالثة، العقاب هو اختيار الطفل!
أن يكون نتيجة لاختيار الطفل، بسبب أنك كمربي استبقت الموقف بتبيان واتفاق، فالطفل هو الذي اختار طريق العقوبة. "أنا وضحت لك واتفقنا ، وأنت يلي اخترت"
*قاعدة: [كنه أو جوهر التربية هو أن تضع للطفل العديد من الخيارات الواقعية وتحمي حقه في اختيار أيّها، ثم تتصرّف معه بحزم وعدالة وفهم]
* قاعدة: [كنْ صادقاً مع طفلك > ليس لأنه "طفل" تكذب عليه أو تعده ولا تفي > كنْ صادقاً مع طفلك]
- الخطوة الرابعة، العقاب مختلف متنوع!
شكل العقاب يختلف بشكل كبير حسب نوع السلوك ودرجته، قد يكون العقاب جسدي أو عقاب معنوي ، ومن العقاب الجيد بالعموم "العزل المؤقت بزمن" أو الحرمان المؤقت، بحيث كل عام من عمر الطفل يُقابل بدقيقة عزل مثلاً، وللعزل أنواع:
- العزل المكاني: بأن يبقى ثابت في مكانٍ ما، لفترة دقائق، كزاوية التفكير أو غرفة لوحده دون قفل الباب ... إلى آخره.
- العزل النفسي العاطفي: قطع العلاقة بينه وبين الأبوين والإبقاء على العلاقة الروتينية ( أطعمه ، أعطيه كل احتياجاته ولكن دون أي تواصل عاطفي أو بصري)، وخاصة إن وجه الطفل إهانة بسيطة أو عصيان يسير مخصوص تجاه المربي نفسه.
- العزل الجسدي: أثبته في حجري وخاصة في حالات فرط الحركة في مكانٍ ما، أو أثبت يديه وانظر في عينيه لمدة دقيقة معاتباً.
في حال جرّب مربي أي نمط من أنمط العقاب ولم تنجح، فقد يكون يوجد مشكلة في فهم سلوك الطفل والدافع منه، أو اختيار العقاب، أو قصر زمن العقاب، وعليه هنا أن يراجع مختص نفسي سلوكي لاستشارته في تعديل سلوك طفله.
* قاعدة: [العقاب من جنس العمل] من واقع الحياة وليس من خيال المربي، ولمدة محدودة حسب عمر الطفل.
- الخطوة الخامسة، العقاب فوري!
حاول أن يكون العقاب عقب السلوك السيئ مباشرةً دون تأجيل، وحاول أن يكون العقاب بعيداً عن أنظار الناس وخاصة المقرّبين المحببين للطفل.
* قاعدة: [حافظ على الخصوصية بينك وبين الطفل] ، [لا تفضح الطفل]
- الخطوة السادسة، العقاب والعلاقة!
لا يؤتي العقاب ثماره إذا كانت العلاقة بين الطفل والمربي سيئة ومضطربة، ويشعر فيها الطفل بمشاعر سلبية تجاه المربي كمشاعر الكره أو مشاعر الخوف أو المشاعر المتناقضة.
* قاعدة: [قبل التأديب والعقوبات أبدأ بتحسين علاقتك مع طفلك]
أقترح عليك عمل مسلسل يومي بطولته "أنت وطفلك" مدته ساعة عنوانه "أنت الآن صديقي أو صديقتي"، تشارك فيه الطفل وقت اللعب او يشاركك نشاط ما ممتع ومفيد، مثل: لعبة تبادل الدور مع الطفل أنت بابا وأنا ابنك، أو التسوّق معاً أو المشي معاً أو اللعب على الارض.
- الخطوة السابعة، تعديل السلوك يحتاج وقت! وانتبه من فترة العصيان!
يحتاج الطفل وقتاً حتى يعتاد الأسلوب الجديد يتراوح ما بين أسبوع أو شهر أو شهرين أو ثلاثة أو حتى ستة أشهر، حسب المربي أولاً والطفل ثانياً. وخلالها يكون العمل على سلوك المربي أولاً حتى يتعدّل سلوك الطفل.
وغالباً ما يمر تعديل السلوك بفترة عصيان، بحيث يزيد أو يثبت الطفل السلوك السيء بالرغم من جميع المحاولات الصحيحة في التعديل من قبل المربي، على المربي هنا الثبات والصبر فقط.
* قاعدة: [كنْ صبوراً في تعديل السلوك]
وأخيراً قد يتحسس البعض أو الكثيرين من كلمة "عقاب" !
"عقاب" .. "عاقبة" .. "نتيجة منطقية" .. سمها ما شئت!...
العقاب المعني هنا هو بمثابة العاقبة السلبية المنطقية الواقعية العقلانية لسلوك الطفل السلبي أو غير التكيفي الفوضوي التخريبي...
العقاب التالي لتبيان وشرح كافي للطفل، ثم الاتفاق بخيارات محددة، ثم الناجم عن اختيار الطفل الحر له بعد كل هذا التبيان والاتقاق
- الكلام جداً دقيق ، وشرحه في كامل المقالة -
ولا تعني بحال من الأحوال الإساءة لشخص الطفل، حتى ولو كان شكل عقاب جسدياً فيه شيء من الألم الجسدي الذي لا يترك أثراً، أو عقاباً معنوياً فيه شيء من الألم النفسي الذي يترك أثراً إيجابياً على المدى القريب والأهم البعيد على شخصية الطفل.
بعد كل هذا الشرح قد لا يعجب الكثيرين ما تم ذكره في هذه المقالة، أقدّر ذلك، وقد يكون عائد ليس لعلم ما، ولكن لتجارب سلبية -وربما صدمية- في الطفولة مع الأبوين..
أقدّر ذلك تماماً ..
لكن >>> لا تجعل صدمات طفولتك مع أباك أو أمك، تؤثر سلباً على حسن تربيتك لابنك!
>>> واجب عملي:
- ارصد وسجّل ثلاثة مواقف صراع متكررة لك مع طفلك
- حدد المكان والزمان والأشخاص المشتركين
- صف سلوك الطفل وأثره عليك أو على الآخرين
- ما هو تفسير هذا السلوك من وجهة نظرك؟! ما هو الدافع منه حسب رأيك؟!
- كيف تصرّفت أنت أو تتصرّف عادةً ؟!
- كيف ستتصرّف وفق الخطوات السبع السابقة ؟!
- فضلاً اطبع الخطوات السبع مع القواعد وراجعها باستمرار...
- راجع مختص نفسي سلوكي مؤهل في حال لم يتحقق ما تريد..