Bir oturum ayırtın
  • Ana Sayfa
Bize Katıl
Makaleler sayfasına dön
البجعة السوداء ومقاربات العلاج النفسي
Cognitive Psychotherapy

البجعة السوداء.. ومقاربات العلاج النفسي


عندما يشاهد أحدهم يوميا وبشكل مستمر بجعا ذات لون أبيض، فإن عقله يبني فرضية تلقائية وهي " أن جميع البجع بيضاء اللون" وبناء عليه يكمل حياته كلها وهو يظن أن البجع ذات لون ابيض، ولكن في أحد الأيام يُفاجأ ببجعة سوداء تظهر أمامه، فلا يصدق ما رأته عيناه ويحاول التأكد مما شاهده للتو! فهو لم يعلم البجع إلا بيضاً...




يميل الانسان بطبعه إلى إعطاء نمط وربط الأمور ببعضها، وذلك كنوع من الرغبة في التحكم والسيطرة في البيئة والواقع المحيطين به، لا يسأم الانسان من محاولات الخروج بأفكار وصيغ عامة عن المحيط والسياق الذي يعيش فيه، وذلك أمر مفهوم، لأن ذلك يحقق له المنفعة العملية في الحياة اليومية، فيشعر بمزيد من الثقة والثبات في التعامل مع الحياة.


الخلاصة، إن نتيجة هذه الرغبة قد لا تعمل دائما، وهو بمثابة طعم يجر بصاحبه إلى الفخ، فخ (إيجاد النمط) ، لا يمكن إيجاد النمط دائما وحتى وجود النمط فإنه يكون محدود الهامش والفعالية، ومن هنا يمكننا أن نعرج على بعض النماذج الأساسية في العلاج النفسي ، ولكن قبل العروج عليها نرجع إلى بداية المقال البجعة السوداء، في حياتنا الروتينية عندما تسير الأمور بشكل طبيعي فإننا نشعر بالثقة والأمان من أن الأمور ستظل تمشي كما كانت في السابق –ثابتة- وهذه تعتبر بمثابة البجعة البيضاء ، لكن طالما نتفاجأ بأحداث ومواقف تصدمنا وتفاجئنا لم تكن بالحسبان فتكسر ذلك الثبات المفترض وتسبب اضطرابا، وهذه تعتبر بمثابة بجعة سوداء، ولنتذكر هذا التشبيه جيدا لأننا سنعتمد عليه في الفقرة القادمة.


مقاربة العلاج المعرفي: 


يتحدث البرت اليس في نظريته العلاج العقلاني الانفعالي عن طيف من الأفكار غير العقلانية والتي بسببها يتعرض الانسان لاضطراب نفسي، وببعض التحليل والمراجعة لهذه الأفكار نستطيع أن نتوقع أن هذه الأفكار ربما تكون وليدة (الاستقراء الناقص) ، فعلى سبيل المثال؛ الطفل الذي نشأ في أسرة أمنت له على الدوام كافة أسباب الراحة والدلال سيتوقع أن الحياة ستعامله كما تعامله اسرته، بمعنى أخر بنى فرضية أنه على جميع الناس أن يحبونني ويقدرونني، ولكن مع قليل من الاحتكاك مع البيئة خارج الاسرة يتعرض هذا الطفل لكثير من التحديات التي تتعارض مع فرضيته، ففرضيته كانت تتوقع أن كل البجع أبيض ( على كل الناس أن يعاملوني بحب وتقدير) لكن ظهر له وجود بجع أسود حيث تعرض للرفض والإهانة والذان قد يسببان له مزيد من المشاعر المزعجة.

أما آرون بيك فيقارب الأمر من منظور الأفكار وفائدتها، فالإنسان في حياته يتبنى الكثير من الأفكار غير المفيدة والمتحيزة، ظاناً أنها أفكار تحميه وتساعده للتعامل مع المحيط، والتي تسبب له مزيد من عدم التكيف والضيق، وتبني هذه الأفكار كانت في سياقات الحياة المتكررة (إيجاد النمط) ......


مقاربة العلاج الجدلي: 


في أدبيات العلاج الجدلي السلوكي يتم تشبيه مبدأ هذا العلاج بطاولة الشطرنج ذات اللونين الأبيض والأسود، ف بالنسبة لهذه المقاربة المربعات البيض هي الأمور القابلة للتعديل والتغيير والمربعات السود هي الأمور غير القابلة للتحكم والسيطرة. 

يقترح العلاج الجدلي مجموعة من التقنيات قائمة على التغيير والتقبل ، والتغيير هي للأمور التي نستطيع التعامل معها وبذل الجهد لضبطها وهي المربعات البيض، أما التقنيات الخاصة بالمربعات السود فهي تركز على التقبل والتكيف والتحمل.


إن العلاج الجدلي هو جيل جديد من العلاجات المعرفية، مضاف لها مهارات التقبل عبر اليقظة الذهنية ، فطالما أن تقنيات التغيير قائمة على العلاج المعرفي السلوكي فتقنيات التقبل تقوم على حتمية وجود الأمور غير القابلة للتحكم والسيطرة في الحياة ودورنا هو كيفية إدارتها والتعامل معها بنوع من التلاؤم والاستيعاب.


إذاً، بجعتنا السوداء هنا هي نفسها المربعات السود في رقعة الشطرنج، وثورية العلاج الجدلي هو افتراض وجودها وضرورة التعامل معها ووضع التقنيات المناسبة لها مثل اليقظة الذهنية وغيرها.


مقاربة العلاج بالمعنى:


عاش فيكتور فرانكل في ظروف اعتقال صعبة جدا في معسكرات الاعتقال النازية الجماعية، واختبر مختلف أنواع الاعمال الشاقة والتجارب المريرة، ولكن خلال كل ذلك خرج بنظرية فريدة من نوعها في العلاج (العلاج بالمعنى أو بالرمزية) ومن جملة الأفكار التي يتحدث عنها هي الحتميات الثلاثة (الموت والمرض والألم) فبالنسبة ل فرانكل كل إنسان محكوم عليه المرور بهذه الأمور الثلاثة في حياته، وكي يستطيع أن يتخطاها عليه أن يعطيها معنى وقيمة وبذلك يتفق فرانكل مع مدرسة العلاج الجدلي بوجود البجع الأسود في الحياة وأن الاعتراف بوجودها هو بداية التعامل معها والحد من تأثيرها عن طريق البحث عن معاني وقيم لها.


خلاصة:

البجعات السوداء، موجودة في حياتنا ولا فكاك من التعرض لها، لكن استراتيجيات التعامل معها هي التي تقرر حالتنا النفسية ، سواء بالتحضير المسبق أو المواجهة والاستيعاب والتحمل.


بقلم أ. محمود عثمان

مستشار ومعالج نفسي ومشرف التدريب في بيت سلام


لحجز استشارة مع أ. محمود يمكنكم الضغط هنا