قال تعالى
{ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [1]
صدق الله تعالى.. من أنوار هذه الآية سينطلق حوارنا..
وتحت ظلالها سنحيا تلك الحياة الهانئة متكاملين فيما بيننا...
وحتى يكون التفاهم حليفنا لا بد أن نملك القدرة على فهم الآخر فهماً جيداً غير مبنيٍّ على فهم أبناء جنسنا أو ما تعودنا عليه مع أهلنا أو أصدقائنا..
إذن ما رأيك يا زوجي الغالي أن نؤلف سويةً فيما بيننا قاموساً مشتركاً (ذكر > أنثى ، أنثى > ذكر) نستعمله لنفسر ونترجم ما قصده الآخر على طريقة الآخر في الفهم؟!
ما أجمل أفكارك يا زوجتي ! ، نعم إذا استطعنا أن نوجد هذا القاموس فإنه سيكون من أهم أسرار التفاهم فيما بيننا، وسأضيف لك أسراراً أخرى تخص عالم الرجال قد تغيب عنك كأنثى..
وأنا بدوري كذلك سأطلعك على أسرارٍ من عالم النساء، كيلا تتكبد عناء معرفتها بطريق الخلاف والتعلّم من الأخطاء (لا سمح الله)..
ما أجمل أن يكون التفاهم والسعادة ديداننا ورفيق مشوار حياتنا يا زوجي الحبيب..
ولكن يا غاليتي دعيني أولاً أبدأ بقوله تعالى
{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [2]
آيةٌ لطالما كُتبت وقُرئت على بطاقات الأعراس وعقد القران فهلّا تفكرنا بها وتأملناها !!
إن من آيات الله تعالى الدالة على عظمته وكمال قدرته أن خلق لأجلنا نحن الرجال أزواجًا لتطمئن نفوسنا إليها وتسكن, وجعل بين المرأة وزوجها محبةً وشفقة.
جُزيت خيراً يا زوجي الحبيب، فلطالما تأملت في العلاقة الزوجية، وكم تحمل هذه العلاقة من الودٍّ والحبٍّ [3]، والذي لم يكن أصلاً موجوداً ثم نبت وأينع زرعه واشتد سوقه بكلمة الله، وبنور من الله لتظهر عظمته جل في علاه في خلق تلك العلاقة من عدم!!..
فتبارك الله أحسن الخالقين!!!
قال تعالى
{ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [4]
دعيني أقدم لك يا غاليتي باقةً عطرةً، قطفتها لكِ من روض خير البشر سيدي محمد صلوات ربي عليه
( ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟!، الودود الولود العؤود على زوجها التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول والله لا أذوق غمضاً حتى ترضى) [5]
( إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ) [6]
( لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه) [7]
قال تعالى
{ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [8]
ودعني أنا أيضاً أن أبادل باقتك بطوقِ زهرٍ من عبقِ وصاياه صلوات ربي عليه، فسعيدةٌ أن أكون وصويحباتي من النساء وصية الله ورسوله إليكم يا معشر الرجال ...
( واستوصوا بالنساء خيراً ) [9]
( فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) [10]
( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي ) [11]
عن حكيم بن معاوية رحمه الله ، عن أبيه قال : ( قلتُ يا رسول الله ، ما حَقُّ زوجةِ أحدِنا عليه ؟ قال : أن تُطعِمَها إِذا طَعِمتَ ، وتكسوَها إِذا اكْتَسَيتَ ، ولا تضرِبِ الوجهَ ، ولا تُقبِّحْ ، ولا تَهْجُرْ إِلا في البيت ) [12]
كيف أفكر كذكر؟! .. لمحة عن قاموس الرجال
إليك بعض المفردات من عالمي كرجل..
♂ أهتم كرجل بالإنجازات فيما أقوم به، وأعارك الحياة على أنها ( فوزٌ وخسارةٌ) وما يحمل هذا المبدأ من مشاعر التنافس والتوتر عند النجاح و الفشل على السواء، وتشقى الحياة الزوجية عندما تتحول مع الشريك على أنها فوز وخسارة وتنافس، فلا بد لنا أن نفهم الحياة الزوجية على أنها (أفوز ليفوز غيري، وأن أعمل لكيلا يخسر غيري)
♂ أنا كرجل أعبّر بشكلٍ مباشرٍ ومختصرٍ عما أريد، وأكره الإطالة والتعريض والتلميح للأمر، ولكن في المقابل أعدك أن أتفهم طريقتك كأنثى في التعبير عما يجول في خاطرك[13].
♂ ثم إن كان لك كأنثى بئرٌ تنزلين فيه فأنا لي كرجل كهفٌ عميقٌ لإدارة الأزمات، آوي إليه أفكّر وأخطط عسى ربي أن يهيأ لي من أمري مرفقاً وتدبيراً راشداً لما يستجد، وعلامة دخولي لكهفي الصمت وعدم الرغبة في الكلام، لا تحاولي إخراجي عنوةً من كهفي بفضولك واستغرابك من صمتي، الأمر الذي يثير غضبي. ألا أدلّك على أفضل ما تقدمينه لي وأنا في كهفي؟!، فنجان القهوة مع تفهمك وتقديرك لحالتي تلك، ولا تنسي أن حبي لك نبعٌ يتدفق لا ينضب هو في كل حال داخل الكهف وخارجه، ولكن هكذا الرجل حال تعرضه للمشاكل، فانتظري بصبرٍ جميلٍ خروجي.
♂ وإن كانت طبيعتك كامرأة كأمواج البحر هبوطاً ونزولاً فأنا كرجلٍ أيضاً تتقلّب حالي ما بين اقترابٍ فابتعادٍ ثم اقتراب، فاصبري على ابتعادي لأني سأعود إليك والشوق يملأ فؤادي، ولا تسيئي فهم ابتعادي هذا، فأنا كرجل أحتاجه لشحن طاقتي وعاطفتي.
♂ اعلمي أن أقدس ما لدى الرجل أنه يملك نفسه ويتحكّم فيها وأنه حرّ، طبعاً ضمن ضوابط الأخلاق والشرع..
♂ ما تقدمينه لي من أعمال يختلف في حسي كرجل كمّاً ونوعاً، وعلى قدر ما تقدميه، وبالمقابل أعلم أن وردةً أقدمها لك بحب تعدل عندك كنوز الدنيا إن وجدت عليها أمارة حبي وتقديري لك، أليس كذلك؟!
كيف أفكر كأنثى؟! .. لمحة عن قاموس النساء
سأعطيك يا زوجي الحبيب مفتاحاً سحرياً يدخلك عالمي الخفي العميق، حتى لا تستغرب تقلباتي وتتقبل تصرفاتي، وتذكر أن الود يدوم إذا تذكرنا الفروق فيما بيننا...
♀ من أهم القيم في عالمي كأنثى الحب والتواصل والمشاركة.. لا يهمني تحقيق الانجازات في حياتي بالقدر الذي أهتم به لإشباع حاجاتي العاطفية.. ولا يتحقق ذلك عندي إلا عن طريق الحديث والبوح عن كل ما يدور في بالي.. أتفاخر كأنثى بالاهتمام بحاجات الآخرين وأعتبر تقديم المساعدة لي دون أطلب من أعظم علامات الحب والتقدير.. فهو يشعرني أني محبوبة ومعززة..
♀ على الرغم من أني قد أشتكي وأعبر عن انزعاجي فإن ذلك لا يلغي أبداً تقديري لجهودك وتفانيك من أجلي.. بل كل أمر منهما منفصل كليّاً عن الأخر...
♀ أرتاح كثيراً عندما أفكر بعاطفتي مع قليل من العقلانية.. لكن من الصعب كثيراً أن أتخلى عن عاطفتي لأضع بدلاً منها عقلاً يفكر ويخطط دون مشاعر..
♀ عندما أشعر أني أتلقى الرعاية والاحترام فإني أصل للإشباع وعندها أستطيع تقديم المزيد من العطاء..
♀ عندما أكون متضايقة غارقة مرتبكة منهكة أو فاقدة للأمل أحتاج لأن أشعر أني لست وحيدة بل مفهومة ومعززة ومحبوبة.. إن التعاطف والتفهم والصدق والحنان يساعد كثيرا في معاونتي لأصبح أكثر تقبلاً وامتنانا للدعم.. إن أقصى ما أحتاجه هو شخص ينصت..
♀ عندما أقول جملة ما فهناك دائماً معنى ضمني بداخلها.. حتى تستطيع فهمي جيداً لا تأخذ كلامي حرفياً فإن ذلك سيبعدك عن المعنى الذي أقصده كثيراً..
♀ زوجي الغالي.. النساء عادة كالأمواج عندما يصلن للقمة يكون الشعور بالحب والتقدير لديهن في قمته.. وبالمقابل تنزل الأمواج إلى الأسفل وفي هذه الحالة يشبه الأمر النزول للبئر.. عندما أمرّ بهذه الحالة تُستدعى لدي كافة المشاعر السلبية والإحباطات دون أي سبب ( لاتشعر بالإحباط من ذلك فأنت لست مسؤولاً عنه ).. لكني أكون بأمسّ الحاجة لأن تكون واقفاً عند فتحة البئر تطمئنني وتعطيني جرعات إضافية من الحب والتقدير والدعم حتى أستطيع أن أخرج بسرعة لأمتطي موجة جديدة وأصعد بها عالياً جداً.. بدون دورة الأمواج هذه التي أمر بها يصبح من الصعب علي تقديم مشاعر الحب.. لأني أصبح مثقلة بالمشاعر السلبية..
♀ أحرص على كسب النقاط بتعبئة خزان الحب عندي.. وذلك عن طريق كل الأشياء الصغيرة التي تقدمها لي ابتداء من الضمة.. والأجمل أني قد أعطيك نقاطاً كثيرة على شيء صغير إن شعرت بحبك أثناء تقديمه لي.. وليس أجمل عندي من إعطائك نقاطاً كثيرة..
هذه لمحة من أسرار عالم النساء ومفاتيحه..
وكانت تلك لمحة من أسرار عالم الرجال ومفاتيحه..
ولندع للأيام المجال أن تكشف لنا أكثر ..
لنعرف بعضنا أكثر ولنشبك اليدين نحو ..
حياة مليئة .. بالمودة .. والرحمة .. والوئـــام..
على تقوى من الله جل وعلا ..
وعلى هدي نبيه محمد صلوات ربه وسلامه عليه
---------------------------------------------
[1] سورة آل عمران، الآية 36.
[2] سورة الروم، الآية 21.
[3] إن عرف الزوجين طريقة رعاية الحب والود فيما بينهما وتنميته وحمايته من كل ما ينقصه أو يؤثر فيه.
[4] سورة البقرة، الآية 228، أي أن للرجال على النساء منزلة زائدة من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف والقِوامة على البيت وملك الطلاق.
[5] صحيح الجامع 2604 ، والعؤود هي التي تعود على زوجها بالنفع .
[6] صحيح الجامع 660.
[7] رواه البخاري.
[8] سورة النساء، الآية 19.
[9] رواه البخاري.
[10] رواه مسلم.
[11] رواه الترمذي .
[12] أَخرجه أبو داود بإسناد حسن.
[13] والمتأمل في هذه المقالة يجد الفروق ما بين الرجل والمرأة، أليس كذلك؟!