Bir oturum ayırtın
  • Ana Sayfa
Bize Katıl
Makaleler sayfasına dön
"وائل" من حافة الانهيار  إلى التعافي.. قصة تغيير ملهمة
Cognitive Psychotherapy

 


كان وائل يبلغ الثانية من عمره حين بدأت الخلافات تعصف بعائلته، لم تكد شجارات والديه تهدأ ليوم حتى تعود مجدداً في اليوم التالي أقوى وأشد تصل أحياناً إلى استخدام التعنيف المفرط.


مع وصول الخلافات بين الوالدين إلى ذروتها وانتهائها بطلاق مؤقت، اضطرت جدة "وائل" إلى التعهد بتربيته، وهو في سن الثالثة، فمكث عندها نحو ستة أشهر.



ولد وائل (اسم مستعار) لعائلة من الطبقة المتوسطة عام 2001 في مدينة حلب شمالي سوريا، لكن عائلته انتقلت بعد سنوات، واستقرت في مدينة أخرى، حيث بدأ الطفل بارتياد الابتدائية.


يقول وائل الذي يبلغ الآن 23 عاماً، إنه تعرض للتنمر كثيراً في المرحلة الابتدائية، لأن "عائلته قادمة من منطقة مختلفة"، ما دفعه للانطواء، وتراجع مستواه الدراسي.



في مرحلة الإعدادية، تطورت الأمور سلباً بصورة أوضح. في هذه الفترة، تورط في شجارات عديدة مع أقرانه، وتسبب في إيذائهم بأشكال مختلفة، ما استدعى إدارة المدرسة لمعاقبته وفصله مؤقتاً، ووجهت له إنذارات خطية.


لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل مارس في الشارع أساليب عنيفة بحق الحيوانات، فقد شاهده الجيران مراراً يقوم بالاعتداء على الحيوانات مستخدماً الحجارة وقطع الزجاج.


في المرحلة الثانوية ارتفعت درجة حساسيته من المحيط، وأبدا سلوكاً عدوانياً لكل من يتوقع أنه ينظر إليه أو يشك بطريقة نظراته.


 

تدهور ورفض للعلاج


في أحد الأيام، وبينما كان يقضي عطلته المدرسية في منزل جدته، سيطرت عليه مشاعر غير مفهومة سلبته النوم، ومع مرور الوقت، ازدات هذه المشاعر مترافقة مع الحرمان من النوم إلا لساعات قليلة متقطعة.


تفاقمت حالته ولم يعد يملك أيّ قدرة على تحمل الضغوط، بات يظهر الغضب لأقل احتكاك. لكنه تجاهل كل ذلك على أمل أن يتحسن الأمر تلقائياً، كان يقول في نفسه: "الحالة التي أنا فيها ظهرت فجأة وستختفي فجأة أيضاً".


تحليله الشخصي لحالته لم يكن صائباً. اضطر لإخبار عائلته بما يعانيه، لكن الرد الذي تلقاه من العائلة لم يكن بمستوى المشكلة، فقد أخبروه بأنه يبالغ في الوصف أو يتصنع. وطلبوا منه ألا يفكر في الأمر لأنه "تافه ولا يستحق التوقف عنده".


لاحقاً، بدأ "وائل" ينعزل عن محيطه، وفقد شهيته للأكل، وأهمل مظهره، شعر الأهل بالخوف من وضعه، فاصطحبوه إلى "أبو كامل" وهو مجبّر يداوي الناس بالأعشاب وأساليب الطب الشعبي.


بعد مدة من تفاقم الوضع، أتفق الأهل أن يبقوا حالة ابنهم سراً "خوفاً من الشماتة" وتابعوا تجربة مختلف الوصفات والنصائح من هنا وهناك دون أيّما فائدة.



اقترح السيد "أمين" مدير المدرسة وجار العائلة ضرورة أن يزور "وائل" مستشاراً نفسياً، لكن العائلة لم ترحب بالفكرة، لأن ذهابه إلى الاستشارة النفسية إعلان عن "جنونه" وهذا يجلب "العار".


ومع مرور الأيام، ازدادت الحالة سوءاً فوق سوء. ذات ليلة حاول "وائل" إيذاء نفسه عبر تناول سم الفئران، لكن شقيقه الأصغر تنبه لذلك وأنقذ الموقف. فأضطر الأهل لزيارة المستشار النفسي، وتولت والدته مهمة شرح قصة ابنها.


لكن الأهل لم يبدأوا بعميلة العلاج، بسبب "تكاليف الاستشارة وعدم أولويتها بالنسبة لهم"، كانوا يأملون أن تتحسن حالة الابن إذا زوجوه ابنة عمه "سارة".


فشلت عملية الخطبة بعد ثلاثة أشهر ، في وقت كان "وائل" يعاني، وخسر نحو 30 بالمئة من وزنه (نقص وزنه من 75 إلى 50 كيلوغراماً تقريباً).


في تلك الفترة كان جار العائلة ومدير المدرسة "أمين" يجري زيارات منتظمة إلى المنزل، ويحاول إقناع الأهل بضرورة أخذ الاستشارة النفسية بشأن "وائل"، وبالفعل بدأ الأهل بتغيير موقفهم من الإستشارة تحت وطأة الحالة السيئة لابنهم.


رحلة التغيير


قبل اللقاء الأول مع المستشار النفسي، بأيام، بساعات، بدقائق، كان وائل يحدّث نفسه، وانتابته هواجس كثيرة.


كان يتسائل، ترى ماذا سيحصل خلال الجلسة؟ وهل سيكون المختص قادراً على فهم مشكلتي؟ كيف سينظر إلي؟ بالتأكيد سيعتبرني شخصاً غريب الأطوار؟ هل سيتقبل شخصاً مثلي، فأنا نفسي أشعر بالعار مما أنا فيه؟


عندما قابل المستشار النفسي بدا عليه التوتر والإحراج، خصوصاً في الدقائق العشر الأولى من اللقاء الأول، التزم الصمت لبرهة ثم قال: لا أعرف ماذا أقول، أفضل أن تسألني وأنا أجيب، قال هذا دون أن ينظر في عيني المستشار.



ثم حفّزه المستشار بحديث وديٍّ حول التعارف بين الطرفين، ثم هدأ "وائل" واستطاع أن يكمل بقية اللقاء ويستمر في حديثه بسلاسة أكثر، وتحدث بنوع من التفصيل عن مشاعره، مخاوفه، أمور حدثت معه، كيف حاول أن يحلّ مشاكله ومعاناته في السابق.


في نهاية اللقاء الأول تم الاتفاق على نظام اللقاءات القادمة، ودور كل من "وائل" والمستشار خلال هذه الرحلة.


خلال اللقاء الثاني أفصح "وائل" عن معاناته بغزارة ( قلة نومه، شجاره المتكرر، انخفاض مزاجه، توتره، كثرة وغرابة الأفكار ...)، وتطرق لغرضه من الجلسات، الصراعات التي يريد أن يتخلص منها، علاقاته الإشكالية، نقاط التعثر ، أحداث صعبة مرّ بها، قضايا متفرقة.


أخبره المستشار حول تحديد أولويات رحلة التغيير، وشرح له طبيعة المشكلة التي يعاني منها، والفترة المتوقعة للعمل عليها والتي ستطول نحو ستة أشهر، والطريقة المتبعة نحو تحقيق ذلك (التقنية العلاجية).


وسيكون مطلوباً من "وائل" تنفيذ التمارين التي تعلمها خلال الجلسات، في سبيل الوصول إلى النمو الحقيقي.


خلال اللقاءات اللاحقة تأكد المستشار من رغبة "وائل" في البدء بالتغيير ونفي أي ضغوطات تمارس عليه من المحيطين به.


واستطاع أن يضع قائمة بالمحفزات التي تشدّه إلى الاستمرار في هذه الرحلة، مثل الرغبة في التحسن والعودة إلى سابق عهده، وأن يكمل حياته مثل غيره من الناس.


بدأ "وائل" خلال هذه الجلسات بممارسة بعض التقنيات التي تساعده على مراقبة وضعه، أفكاره ومشاعره، سلوكه ونشاطه اليومي، واستطاع أن يلطّف بعض الانفعالات الخفيفة والمتوسطة في الشدة، عبر أساليب الاسترخاء والتنفس العميق وتمارين الوعي، وتغيير نمط حياته.


إصرار وتعافي


رويداً رويداً بدأ "وائل" بالحديث عن مواقف قديمة، مثل مشاهد العنف المتبادل بين والديه حينما كان طفلاً، وتعرضه للتنمر في المرحلة الابتدائية من المدرسة.


هذه المسائل لم يكن قد تحدث عنها في اللقاءات السابقة، وأصبحت المواضيع التي كان يتجنب ذكرها أكثر وضوحاً الآن، وأقل ألماً وإزعاجاً.


ناقش مع المسشتار أيضاً بعض هذه الصراعات، والأفكار والقناعات المتعلقة بهذه المواقف والأحداث، وأدرك "وائل" أنه بحاجة لمزيد من الحوار بخصوص ما كان يعدّها ثوابت في طريقة تفكيره ونظرته للحياة، لأنه كان يرى نفسه إنساناً لا يستحق التقدير والاهتمام.


تعلم "وائل" خلال هذه المرحلة من التعافي، التعامل مع الأفكار المزعجة والمُعطّلة مثل (لا فائدة من المحاولة، أنا ميؤوس مني، الناس يكرهونني) وصار بين الجلسة والأخرى، يجلس مع نفسه لمدة نصف ساعة يومياً يمارس التمرن على التفكير البدائلي.



تعرّف "وائل" على أهم الأمور التي قد تقف عائقاً أمام عملية التغيير، مثل الأفكار المعطلة، الانقطاع عن نمط الحياة الصحي، الغياب عن جلسات الاستشارة.


منذ ذلك الحين طوّر "وائل" قائمة بالتقنيات التي تساعده على حل المشكلات، وتقوية مهارات التواصل الاجتماعي، وإلى الآن ما يزال يتردد إلى العيادة كل عدة أشهر من أجل إرساء التغيير لديه، خصوصاً أنه بات الآن شخصاً مختلفاً وإيجابياً، يحاول اكتشاف المزيد عن نفسه.

 

ملاحظة: قصة وائل ليست قصة حقيقية بشكل كامل ، لكنها تعبر عن الكثير من التفاصيل الحقيقية لأشخاص حقيقيين من واقع العيادة النفسية.